أمراء الحرف


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أمراء الحرف
أمراء الحرف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

زواج الرسول من ام سلمه

اذهب الى الأسفل

عاجل زواج الرسول من ام سلمه

مُساهمة من طرف Admin السبت يوليو 19, 2014 10:12 am

زواج الرسول من ام سلمه Images?q=tbn:ANd9GcTGPLm3ELx349SDQAIuHTOYQm1gS4K8586bv4H-gqyzyE7oWCFF1w


حزن

الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم ) على فراق خديجة :
بعد أن ألقينا نظرة خاطفة على حياة أم المؤمنين السيدة خديجة ( عليها السلام ) زوجة
الرسول
الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا بد لنا من أن نتكلم عن مدى حزن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفراقه الزوجة الوفية ...
أجل ... لقد خمدت تلك الجذوة المشتعلة التي أضاءت طريق الجهاد مدة من الزمن .
رحلت خديجة الى جوار ربها آمنة مطمئنة ، وبقي
الرسول
الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعدها في كآبة وحزن ، وهم بالغ ...
فاليالي تمضي كالحات ، مشحونة بالذكريات الأليمة ، ذكريات الزوجة الوفية ، ربة البيت ، وأم الأولاد ، وساعده القوي ، وشريكته في الجهاد .
كان عليه الصلاة والسلام يرجع الى البيت ، وهو مرهق ينؤ بأعباء الرسالة العظيمة ، وقد أتعبه ما يلقى من المشركين ، من تعنت وأذى .
لقد فرح المشركون بموت خديجة ... وأبي طالب المحامي والكفيل لمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وظنوا أن الظلمات تكاثفت حوله ، فلن يبدو على الافق شعاع أو ضياء .
كان صلى الله عليه وآله وسلم يخلو الى نفسه ليستعيد ذكرى الراحلة التي ملأت عليه دنياه ، وقد تراكمت عليه الهموم والأحزان .
دخلت عليه خولة بنت حكيم السلمية ، وقالت له : يا رسول الله كأني
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 152 ـ
أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة ؟!
فأجاب عليه الصلاة والسلام : ( أجل كانت أم العيال وربة البيت ) .
فاقترحت عليه خولة بعد حديث طويل أن يتزوج ، فأجابها بنبرة عتاب ... ( من بعد خديجة ؟ )
فقالت : هون عليك ، إن أردت ثيباً فهذه سودة بنت زمعة ... أو أردت بكراً .. فعليك بعائشة بنت أبي بكر ، فقال لها : لكنها لا تزال صغيرة يا خولة .
وكان رد خولة حاضراً : تخطبها اليوم الى أبيها ، ثم تنتظر حتى تنضج .
فأجابها النبي باستغراب : حتى تنضج ؟! ثم أردف بلوعة ...
لكن من للبيت يرعى شؤونه ؟ ومن لبنات
الرسول
يخدمهن ؟
واخيراً أذن لها
الرسول
في خطبتهما ، فمرت أولاً ببيت ( أبي بكر ) ثم جاءت بيت ( زمعة ) فدخلت على ابنته ( سودة ) وهي تقول : ـ ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة يا سودة ؟
فسألت ( سودة ) وهي لا تدري مراها : وماذا يا خولة ؟
قالت : أرسلني رسول الله أخطبك عليه ...
وكانت الهجرة الى يثرب ( المدينة المنورة ) بوحي من السماء أتى به جبريل .
هناك في المدينة أنصار للرسول الأعظم ، يحيطون به ويفتدونه بأرواحهم مستبسلين ، يرون الاستشهاد في سبيل الدعوة الاسلامية مجداً وانتصاراً ، وغاية أمانيهم نشر الإسلام وتعاليمه ، وتركيز دعائمه .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 153 ـ
هجرة
الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى يثرب :
تعالى الهتاف في أنحاء يثرب ، وخرج أهلها مسرعين ليروا
الرسول
الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأقبلت أفواج الناس ساعية في شوق ولهفة ، الى حيث تلقى المهاجر العظيم .
خرج أهالي يثرب رجالاً ونساء ، مرحبين ... داعين بصوت واحد : ( هلم إلينا يا رسول الله ـ الى العدد ـ والعدة ـ والمنعة ) خرجوا وهم يهتفون :طـلع البدر علينا مـن ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مـا دعى لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع

وكان النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحيي المستقبلين مبتسماً ثم يقول : ( خلوا سبيل ناقتي ) .
ولما بركت ناقة
الرسول
، اختار عليه الصلاة والسلام ذلك الموضع الذي بركت فيه ، فبنى عليه مسجداً ( المسجد النبوي الشريف ) .
وبنى
الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم ) حول المسجد بيوتاً من الطين والجريد ، ... أقام بهذه البيوت بعض المهاجرين ينعمون بسماع أصوات المصلين والمتعبدين ، التي هي أعظم نغم وأعذب ترتيل ينعش قلوب المؤمنين .
وفي بعض هذه البيوت ، أقامت السيدة سودة بنت زمعة أم المؤمنين ، ترعى شؤون بيت
الرسول
الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتسهر على راحة بناته .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 154 ـ
ولما استقر المسلمون في دار الهجرة ، حيث العدد ـ والعدة ـ والمنعة ـ وعبدوا الله بدون خوف من اضطهاد عدوهم وأذيته .
قام
الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخطب بالمسلمين ، وآخى بينهم ، المهاجرين منهم والأنصار ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تآخوا في الله أخوين ... أخوين ...
( آخى بين أبي بكر وبين خارجة بن زهير الخزرجي ، وآخى بين عمر بن الخطاب وبين عتبان بن مالك العوفي ، وآخى بين أبي عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ ... الخ ...
ثم أخذ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيد علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو يقول : هذا أخي ... وابن عمي ... ووزيري ...
وتفرق الجمع ، وخرج كل مهاجر بأخ له ، وذهب علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بالربح الوفير ... مؤاخاة سيد البشر وخاتم الأنبياء ، فكان له الأخ والوصي ... والساعد القوي .
عاد
الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى بيته وقد ارتاحت نفسه الشريفة الى مؤاخاة المسلمين ، واتحادهم وتضامنهم في سبيل الدعوة الى الإسلام ونصرة الداعي .
وجاء أبو بكر يتحدث الى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) باتمام
زواج
ابنته عائشة التي عقد عليها الرسول
الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بمكة ، وهي لا تزال يومئذ بنت ست سنوات على ما يروى ـ ومنهم من قال سبع سنوات ـ .
وأصغى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى حديث أبي بكر ـ ثم سأله مستفسراً كم أصبح عمرها ؟ فقال أبو بكر : تسع سنين .
( وأجاب النبي ... وأتى مع بعض الأنصار ونسائهم الى منزل أبي بكر
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 155 ـ
الصديق حيث كان يقيم في بيت الحارث بن الخزرج ... ) (1) .
عائشة بنت أبي بكر :
هي بنت أبي بكر ، وإحدى زوجات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المحظوظات عاشت في كنف الإسلام ، وأخذت عن
الرسول
الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الكثير من التعاليم ، وروت عنه الروايات الكثيرة في شتى المسائل .
كانت ذات نفوذ قوي بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ساعدها على ذلك أنها زوجة صاحب الرسالة ... وابنة أبي بكر ...
وبذكائها وفطنتها اغتنمت هذين الأمرين ، فأبرزت شخصيتها وخصوصاً في مطلع خلافة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) .
نظرت عائشة فوجدت أن علي بن أبي طالب أصبح خليفة للمسلمين ، وأن طلحة والزبير بايعا علياً (2) وهي لم ترضى بذلك ، ولم يوافق هواها .
وكيف ترضى أن يلي الخلافة بنو هاشم ، وخصوصاً علي بن أبي طالب زوج الزهراء ابنة ضرتها أم المؤمنين خديجة .
كانت مقومات الشخصية القوية مكتملة لدى ابنة أبي بكر ، فهي تعيش في
************************************************** ************************************************** **
(1) تاريخ الطبري .
(2) إن طلحة والزبير بعدما بايعا علياً ( عليه السلام ) نكثا البيعة عندما علما أنهما لن يحققا رغبتهما في الامرة والسلطان لأن علياً سيساوي بين افراد الامة ، ويعطي كل ذي حق حقه بلا تفاضل أو تمييز .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 156 ـ
ظل بيت رفيع ، بيت صاحبة الرسالة ـ منذ تزوجها
الرسول
الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ وتستقي من لدنه علماً وأدباً ، يعينها على ذلك ، ذكاء حاد ، وفطنة وقادة ، مما جعلها موئلاً ، وملجأ لطالبي الحديث عن الرسول
الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
فروى عنها كبار مشايخ المسلمين الكثير مما حفظته من زوجها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والكثير مما استفادته هي من تجارب الحياة كقولها : كما في بلاغات النساء .
(مكارم الأخلاق عشرة ـ صدق الحديث ـ وصدق البأس ـ وأداء الأمانة ـ وصلة الرحم ـ والمكافئة بالصنيع ـ وبذل المعروف ـ والتذمم للصاحب ـ وقرى الضيف ـ ورأسهن الحياء ) (1) .
كانت السيدة عائشة تتمتع بشباب ناضر ، وجمال فتان ، بالإضافة الى صفات لها الأثر الكبير في زرع الثقة في النفس لدى الانثى ، هذه الثقة التي جرأت أم المؤمنين أن تخوض غمار الحرب ، وتسحر بعض المسلمين بطلاوة حديثها ، وعذوبة ألفاظها ، فتأخذ بأعنة النفوس ، وتصنع ما يصنع الرجال العظام .
إن شخصيتها ، وقوة إدراكها ، وتعقلها للامور وسعة افقها ... كل هذه الخصائص هي التي جعلتها تتفوق على صواحبها ، وتتغلب على كل ما يحيطها من مشاكل ، وتذلل أمام أهدافها الصعاب .
لكن السيدة عائشة انهزمت عند الصراع مع هواها وعواطفها ، وفشلت في تجريد نفسها من الغرائز الانثوية وبقيت الانثى ... انثى تشعر بالغيرة من غيرها .
صحيح ان لها مكان الصدارة بين زوجات النبي اللواتي كن يتوافدن الواحدة تلو الأخرى ، بعد موت خديجة التي أكرمها الباري سبحانه فلم تتجرع مرارة الضرائر ، ولم تكتوي بنار الغيرة التي تشعل صدورهن .
************************************************** **********************
(1) بلاغات النساء لابن طيفور ... هكذا وردت في الأصل .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 157 ـ
وهنا لعبت الطبيعة دورها ، فالسيدة عائشة لا تتمكن من اخماد نار الغيرة التي تتأجج في صدرها ، وهي ذات الشعور القوي... أليست الغيرة من صفات الأنثى ... من البشر !
ومن طريف ما يروى عن السيدة عائشة ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لها مداعباً : ( ما ضرك لو متِ قبلي ، فقمت عليكٍ ... وكفنتك ... وصليت عليك ... ودفنتك ؟؟ )
فأجابت وقد التهب صدرها بنار الغيرة : ( ليكن ذلك حظ غيري ، والله لكأني بك لو قد فعلت ذلك ، لقد رجعت الى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك ) (1) .
لقد ضم بيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عدداً من النساء ، من ذوات الجمال والذكاء ، علاوة على النسب الرفيع .
عاشت السيدة عائشة بين ضرائر من بينهنَّ السيدة الحسناء الأبية المترفعة أم سلمة بنت أبي أمية ـ زاد الركب ـ والسيدة ذات الشرف والحسب زينب بنت جحش ، وهي ابنة عمة
الرسول
التي كانت تفاخر ضرائرها بأن الله سبحانه زوجها في السماء ، إشارة إلى قوله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ) (2) وأم حبيبة بنت أبي سفيان زعيم مشركي مكة ، وقائد جيشها لحرب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
************************************************** ************************************************** ***
(1) تاريخ الطبري ـ ابن جرير .
(2) سورة الاحزاب ـ آية 38 .
وفي مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي : نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش الاسدية ، بنت اميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فخطبها على مولاه زيد بن حارثة ، وفي الحديث ان زينب كانت تفتخر على سائر نساء النبي وتقول : ( زوجني الله من النبي وأنتن إنما زوجكن اولياؤكــن .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 158 ـ
ناهيك عن جويرية بنت الحارث التي تبهر الأنظار لروعة جمالها . وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وصفية بنت حيي بن أحطب الناعمة ... الساحرة .
ولكن السيدة عائشة كانت تقول : ما غرت من امرأة قط كغيرتي من خديجة ... ولم أرها .
لقد حاولت السيدة عائشة أم المؤمنين الاستيلاء على قلب
الرسول
الزوج العظيم ، بشتى الطرق ، وجعلت سلاحها من أنوثتها ـ وذكائها ـ وصباها ـ وجمالها ـ .
ولكن المرارة ... مرارة الغيرة لم تقدر أن تستسيغها ، فالحب العميق الذي يكنه
الرسول
الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لزوجته الراحلة خديجة ( عليها السلام ) كان شغلها الشاغل .
لقد بقيت خديجة ( عليها السلام ) تشارك عائشة عواطف الزوج وحنانه ، وهي بين الأموات ، وتحت الثرى ، ولكن طيفها ما زال ماثلاً أمام عيني
الرسول
، ولسانه الشريف يلهج بذكرها يردد اسمها في كل حين ، ولم يسأم من الثناء عليها حتى تأججت نار الغيرة في قلب عائشة ( عليها السلام ) فلم تتمالك أم المؤمنين أن قالت مرة للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لقد عوضك الله من كبيرة السن ... فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من كلامها غضباً عظيماً حتى أسقطت من جلدها ، فقالت في نفسها : اللهمَّ إن ذهب غضب رسول الله عني لم أعد أذكرها بسوء .
وقالت عائشة : كان النبي يكثر من ذكر خديجة وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة ؟ فيقول : إنها كانت وكان لي منها ولد .
فلا غرابة أن تزداد نار الغيرة في قلب السيدة عائشة ( عليها السلام ) وهي تسمع النبي يردد في كل حين ( كان لي منها ولد ) وعائشة تلك الشابة الحلوة ـ ذات الذكاء
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 159 ـ
والفطنة لم تنجب لزوجها ولداً ، في حين أن خديجة وهي العجوز قد انجبت له البنين والبنات .
ولا يمكن للسيدة عائشة أن تتجاهل ذلك الحب الشديد للأبناء ، والحرص على الانجاب الذي كان يكمن في قلب
الرسول
الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورجال ذلك العهد أجمع .
إن مرارة العقم ـ وحرارة عواطف الامومة ... المحرومة ... والكبت ... كل هذه الأشياء التي هي من صنع الطبيعة البشرية وقدرة الخالق الجبار ، كانت تثير في نفس السيدة عائشة دائماً شعوراً بوطأة الحرمان التي تجثم على صدرها . وتنظر الى بنات ضرتها ( خديجة ) متحسرة تشعر كأن حواجز منيعة تقوم بينها وبينهن . بل ترى أن كل واحدة منهن هي صورة عن ضرتها التي استأثرت بقلب الزوج
الرسول
وما بلغته من ايثار لم يبلغه احد من قبل ... ولا من بعد .
وهذا ما جعل السيدة عائشة تخرج الى حرب علي بن ابي طالب زوج فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابنة ضرتها التي احتلت مكان امها خديجة من قلب
الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وكانت وقعة الجمل الشهيرة في البصرة التي ذكرها جميع أهل التاريخ وأصحاب السير وليس هذا المجال مجال لذكرها .
ذكرت الدكتورة بنت الشاطئ : ( لما تزوج النبي اسماء بنت النعمان التي أحست عائشة خطر جمالها منذ وقعت عيناها عليها ، وقدرت انها اذا لم تحل بينها وبين زوجها
الرسول
فسوف تكلفها من أمرها عسراً .
ومن ثم قررت أن تفرغ منها قبل أن يتم الزواج . وبدأت تعمل على الفور مستعينة بصواحبها ...
دعت إليها حفصة واخرى ممن يحرصن من إرضائها ، فقالت لهما :
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 160 ـ
( قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنّا ) و ...
واتفقن على خطة موحدة ... أقبلن على العروس مهنئات ، يجلونها للزفاف ، ويوصينها بما تفعل ، وما تقول استجلاباً لرضا الزوج العظيم ... ومحبته ...
فكان مما نصحهن لها به ، أن تستعيذ بالله إذا ما دخل عليها ... !
وفعلت المسكينة ....
لم تكد ترى
الرسول
مقبلاً عليها ، حتى استعاذت بالله وفي حسابها أنها تستجلب محبته ورضاه ...
فصرف رسول الله وجهه عنها وقال : ( لقد عذتِ بمعاذ ) .
وغادرها من لحظته ، وأمرها أن تلحق بأهلها ...
فبعثت إليه ـ أو بعث أبوها ـ من يتوسط لردها ويتحدث عما كان من نسائه معها ، فلم يملك عليه الصلاة والسلام ، إلا أن يبتسم ويقول :
( إنهن صواحب يوسف ... وإن كيدهن عظيم ) .
وبقي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند كلمته ، فلم يمسك تلك التي ( عاذت بمعاذ ) .
وتخلصت عائشة من منافسة خطرة (1) .
ومما روى ابن طيفور : أن عائشة ( عليها السلام ) لما احتضرت جزعت ، فقيل لها :
( أتجزعين يا أم المؤمنين وأنت زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأم المؤمنين ـ وابنة أبي بكر الصديق ؟!
************************************************** ****************
(1) تراجم سيدات بيت النبوة ـ الدكتورة بنت الشاطئ .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 161 ـ
فقالت متحسرة ...
ـ إن يوم الجمل معترض في حلقي ... ليتني مت قبله ـ أو كنت نسياً منسياً (1) .
توفيت عائشة عن عمر يناهز السادسة والستين ، وصلى عليها ابو هريرة . ودفنت بالبقيع مع امهات المؤمنين زوجات النبي الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وتحت ثرى المدينة المنورة ـ يثرب ـ خمد ذلك الذكاء الوقاد ـ واللهيب الذي ظل يضطرم سنيناً وأعواماً طوالاً ...
وتحت ثرى ـ يثرب ـ جمع الموت بين الضرائر حيث لا تنافس ... ولا حقد ... ولا غيرة ...
أم المؤمنين أم سلمة :
إن ظهور الرسالة المحمدية أعظم حادث في تاريخ العرب خاصة ، والبشر عامة . قال تعالى :
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) (2) حتى كان قصارى جهد المسلمين ، تركيز دعائم الدين ، وجهادهم في اجتماعهم على الإسلام ، ونبذ ما كانوا عليه من الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء .
سرت تعاليم الإسلام في النفوس كضياء الشمس ينساب بنوره الخالد على قلوب
***************************************
(1) بلاغات النساء لابن طيفور .
(2) سورة سبأ ـ آية ـ 28 .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 162 ـ
المؤمنين أنّى كانوا وحيثما رحلوا .
وهنا ظهرت المرأة التي كانت قد أنكرتها الأمم ، واضطهدتها الشعوب الى ميدان الحياة ، تؤدي رسالتها وتضرب المثل الأعلى في علو الهمة ـ والبطولة ـ والجهاد ـ ونصرة الحق ـ والتعاون على البر والتقوى ـ والتمسك بعرى الدين والإيمان ـ ومكارم الأخلاق .
كان من أبرز المجاهدات المهاجرات المؤمنات السيدة أم سلمة رضوان الله عليها ، وهي تعطينا صورة واضحة عن المرأة المسلمة في ذلك العهد ... ومدى مساهمتها في الجهاد .
أم سلمة هي بنت أبي أمية (1) الملقب بزاد الركب وهي مهاجرة جليلة من المسلمات السابقات الى الإسلام ، تزوجها عبد الله بن الأسد المخزومي ، آمنت بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصدقته ، وهاجرت الى أرض الحبشة عندما أشار
الرسول
الكريم على المسلمين بالهجرة .
وقد كانت أم سلمة من طلاقة اللسان ، وحسن الرأي وكمال الهيئة ، وجمال الصورة ، ما تحدث عنه العرب .
وقد حزنت السيدة عائشة عندما تزوج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بام سلمة ، لما ذكروا لها من كمالها ، وأدبها ، وجمالها ، وقالت لما رأتها : ( والله أضعاف ما وصفت لي ) .
ومما يدلنا على طلاقة لسان السيدة أم سلمة وفطنتها نستمع إليها كما يحدثنا
************************************************** ************************************************** ************
(1) هو سهيل بن المغيرة من بني مخزوم ، وهو ابن عمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) برة بنت عبد المطلب لقبه زاد الركب لأنه كان احد اجواد العرب ، فكان اذا سافر لم يحمل من يكون معه او برفقته زاداً ، بل هو يكفيهم جميعاً مؤونة السفر ، لجوده وكرمه .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 163 ـ
التاريخ ، وهي تتكلم عن الذين هاجروا الى أرض الحبشة . وما كان من الحوار بين النجاشي ملك الحبشة ـ وجعفر بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو أمير المسلمين في ارض الحبشة .
حديث أم سلمة ( عليها السلام ) :
ذكر ابن هشام في السيرة النبوية (1) عن أم سلمة قولها : ( لما نزلنا أرض الحبشة ، جاورنا بها خير جار ـ النجاشي ـ أمّنا على ديننا ، وعبدنا الله تعالى ، لا نؤذى ، ولا نسمع شيئاً نكرهه ، فلما بلغ ذلك قريشاً ائتمروا بينهم أن يبعثوا الى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين ، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة . وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم (2) .
فجمعوا له أدماً كثيراً ولم يتركوا من بطارقته بطريقاً إلا أهدوا له هدية .
ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة ، وعمرو بن العاص . وأمروهما بأمرهم ، وقالوا لهما : ادفعوا الى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم ، ثم قدما الى النجاشي هداياه .
ثم سلاه أن يسلمهم اليكما قبل أن يكلمهم ، قالت : فخرجا حتى قدما على النجاشي ونحن عنده ... بخير دار عند خير جار ... فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا اليه هديته قبل أن يكلما النجاشي وقالا لكل بطريق منهم :
************************************************** ************************************************** *****************************
(1) السيرة النبوية لابن هشام ـ ج ـ 1 ـ ص ـ 158 ـ 359 .
(2) الادم ، هو الجلد وكانت مكة والجزيرة العربية معروفة بالجلود الممتازة وهي من مصادر ثروتها .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 164 ـ
( انه قد ضوى (1) الى بلد الملك منّا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم ، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم ، وقد بعثنا الى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم اليهم ، فإذا كلمنا الملك فيهم ، فأشيروا عليه بأن يسلمهم الينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عيناً (2) وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه . قالت : ولم يكن شيء أبغض الى عبد الله بن أبي ربيعه وعمرو بن العاص ، من أن يسمع كلامهم النجاشي ، قالت : فقالت بطارقته من حوله :
صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عيناً وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم اليهما ، فليرداهم الى بلادهم وقومهم .
قالت : فغضب النجاشي ، ثم قال : لا ها الله إذاً لا أسلمهم اليهما ، ولا يُكاد قوم جاوروني ، ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى ادعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم . فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم اليهما ، ورددتهم الى قومهم ، وإن كانوا غير ذلك ، منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني .
قالت : ثم أرسل الى أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم : ماذا تقولون للرجل إذا جئتموه ...؟
قالوا : نقول والله ما علَّمنا وما أمرنا به نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كائناً في ذلك ما هو كائن .
************************************************** ************************************************** ************************************************** *
(1) ضوى : لجأ اليه ـ ولصق به ـ أي اتى ليلا متخفياً ـ سراً .
(2) اعلى بهم عيناً ـ اي اعرف بهم وابصر ـ والمعنى : عينهم وأبصارهم فوق عين غيرهم يرون منهم ما لا يرى غيرهم .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 165 ـ
فلما جاؤوا وقد دعا النجاشي اساقفته فنشروا مصافهم حوله ، سألهم فقال لهم : ـ ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين احدٍ من هذه الملل ... ؟
قالت : فكان الذي كلمه جعفر بن ابي طالب ( عليه السلام ) ، فقال له : ايها الملك ، كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ويأكل القوي منّا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان .
وأمرنا أيضاً : بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم، وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء .
ونهانا أيضاً عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات .
وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ... الخ قالت : فعدد عليه امور الاسلام .
فصدقناه وآمنا به .
واتبعناه على ما جاء به من الله وحده ، فلم نشرك به شيئاً ، وحرمنا ما حرَّم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذبونا ، وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الى عبادة الأوثان ، من عبادة الله تعالى ، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث .
فلما قهرونا وظلمونا ، وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا الى
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 166 ـ
بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ورجونا ان لا نظلم عندك أيها الملك .
قالت : فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ قالت : فقال له جعفر : نعم ، فقال له النجاشي : فاقرأه عليّ ، قالت : فقرأ عليه صدراً من ( كهيعص ) ، قالت : فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته ، وبكت أساقفته حتى اخضلوا (1) مصاحفهم ، حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال لهم النجاشي : إن هذا الدين ، والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة (2) انطلقا ، فلا والله لا اسلمهم إليكما ، ولا يُكادون .
قالت : فلما خرجا من عنده ، قال عمرو بن العاص : والله لآتينه غداً عنهم بما أستأصل به خضرائهم (3) ، قالت : فقال له عبد الله بن ابي ربيعة وكان أتقى الرجلين : لا نفعل ، فإن لهم ارحاماً وإن كانوا قد خالفونا .
قال : والله لاخبرنه انهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد ، قالت : ثم غدا عليه من الغد ، فقال له : أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً ، فأرسل إليهم ، فسلهم عما يقولون فيه .
قالت : ولم ينزل بنا مثلها قط : فاجتمع القوم ثم قال بعضهم لبعض ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه ... ؟ قالوا : نقول والله ما قال الله ، وما جاءنا به نبينا ، كائناً في ذلك ما هو كائن .
************************************************** ************************************************** *****
(1) اخضل : ابل ـ واخضلت لحيته : ابتلت
(2) المشكاة : قال في لسان العرب : ( وفي حديث النجاشي : إنما يخرجوا من مشكاة واحدة ، المشكاة : الكوة غير النافذة ؛ وقيل هي الحديدة التي يعلق عليها القنديل ) ، اراد القرآن ـ والأنجيل كلام الله تعالى ـ وأنهما من شيء واحد .
(3) خضراءهم ـ معناه : شجرتهم التي منها تفرعوا .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 167 ـ
قالت : فلما دخلوا عليه ، قال لهم : ماذا تقولون في عيسى بن مريم ؟ قالت فقال جعفر بن ابي طالب : نقول فيه الذي جاءنا به نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : هو عبد الله ورسوله ، وروحه وكلمته ، ألقاها الى مريم العذراء البتول .
قالت : فضرب النجاشي بيده الى الارض ، فأخذ منها عوداً ثم قال : والله ما عدا عيسى بن مريم بمقدار هذا العود ، فقالت : فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال :
فقال : وإن نخرتم والله ... اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي ـ والشيوم الآمنون ـ من سبكم غرم ، ثم قال : من سبكم غرم ، ثم قال : من سبكم غرم : ما أحب ان لي ديراً من ذهب ، وإني آذيت رجلاً منكم ـ ردوا عليهما هداياهم ، فلا حاجة لي بها . فو اللّه ما اخذ اللّه منِّي الرشوة حين ردَّ علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه .
قالت : فخرجا من عنده ، مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار ـ مع خير جار ، ( انتهى ) .
لقد كانت السيدة أم سلمة أول ظعينة دخلت الى المدينة المنورة مهاجرة ، وكان زوجها ابو سلمة قد سبقها إليها ، وتروي لنا رحلتها الى ( يثرب ) المدينة المنورة فتقول : رحَّلت بعيري ، ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت اريد زوجي بالمدينة ، وما معي أحد من خلق اللّه ، فقلت اتبلغ بمن لقيت ، حتى أقدم على زوجي بالمدينة ، حتى إذا كنت بالتنعيم ، لقيت عثمان بن طلحة اخا بني عبد الدار ، فقال الى اين با ابنة أبي امية ؟ فقلت : اريد زوجي بالمدينة ، فقال : هل معك أحد ...؟ فقلت : لا واللّه إلا اللّه ... وابني هذا .
فقال : واللّه مالك من منزل ـ فأخذ بخطام البعير ، فانطلق يهوي بي يقودني ، فو اللّه ما صحبت رجلاً من العرب أكرم منه .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 168 ـ
كان إذا بلغ المنزل ، أناخ بي ثم تنحى الى شجرة ، فاضطجع تحتها ، ثم استأخر عني ، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري ، فحط عنه ثم قيده في الشجرة ، فاذا دنا الرواح ، قام الى بعيري ، فقدمه ، فرحَّله ، ثم تأخر عني وقال : اركبي ... فإذا ركبت واستويت على بعيري ، أتى فأخذ بخطام البعير فقاده ، ولم يزل يصنع ذلك حتى قدم المدينة (1) .
وفي وقعة أحد قتل ابو سلمة رضوان اللّه عليه مجاهداً ، فحزنت عليه زوجته ام سلمة ، ووجدت كثيراً على فقد الزوج المؤمن العطوف الذي كان دائماً يدعو لها بالخير والسعادة ، وطالما ردد قوله : ( اللهم ارزق ام سلمة بعدي رجلاً خير مني ، لا يخزيها ولا يؤذيها ) .
فلما مات قالت : من هذا الذي هو لي خير من أبي سلمة ... ؟ وكأن اللّه قد استجاب دعاء ابي سلمة المجاهد المؤمن فتزوجها رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
زواج رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أم سلمة :
حزنت أم سلمة على فقد الزوج الرؤوف ، وعطفت على اولادها ، ترعاهم بكل حنان وعطف حتى إذا انقضت عدتها أرسل إليها ابو بكر يخطبها ، فرفضت بكل إصرار ، وخطبها عمر بن الخطاب فرفضت أيضاً (2) .
وأرسل رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى أم سلمة يخطبها ، فقالت مرحباً برسول اللّه
************************************************** ************************************************** ******
(1) سيرة ابن هشام ـ ج ـ 2 ـ ص 113 ، وفي الدر المنثور ص ـ 531 اقول : لقد كان المسلمون الاول مثال الشهامة ، والمروءة ، والغيرة ، والحمية ، فحديث ام سلمة عن عثمان بن طلحة ومرافقته لها في الطريق ومعاملته اياها المعاملة الحسنة حيث كان يتنحى الى جهة ثانية ويتأخر ، حتى تركب راحلتها لهي في منتهى الحشمة والادب .
(2) اعلام النساء ـ للاستاذ عمر رضا كحالة .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 169 ـ
ورسوله ، ولكن ارجع الى النبي وقل له : اني امرأة غيري ، واني ام أيتام ، وانه ليس احد من أوليائي شاهداً ، فأرسل رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أما قولك : اني ام ايتام ( مصبية ) فان اللّه سيكفيك صبيانك ، وأما قولك اني غيرى ـ فسأدعوا اللّه ان يذهب غيرتك وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهداً ولا غائباً إلا استرضاني ) .
تزوجها رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) السنة الرابعة للهجرة ، من شهر شوال ، فكانت من خيرة نسائه ، ذات عقل راجح ، وإيمان راسخ ورأي صائب ، مع ورع وتقى .
شهدت ام سلمة (1) رضوان اللّه عليها فتح خيبر ، وقالت مع نسوة : على ما يروى ـ ليت اللّه كتب علينا الجهاد كما كتب على الرجال ، فيكون لنا من الأجر مثل ما لهم ، فنزلت الآية الكريمة واللّه اعلم ( ولا تتمنوا ما فضل اللّه به بعضكم على بعض ) (2) .
لقد كان لأم سلمة الرأي السديد ، وبعد النظر ، مع سلامة التفكير ، وحسن التعبير ، والحرص على مصلحة المسلمين ، واداء النصيحة لهم ، وإرشادهم الى طريق الصواب .
نصيحة أم سلمة للخليفة عثمان
حينما ثار الناس على الخليفة عثمان بن عفان بسبب ليونته ومعاملته لأقربائه بالحسنى ، وإيثار بني أمية بالأموال والمناصب الرفيعة ، وتسلط مروان بن الحكم على أفكاره حتى اصبح عثمان لا يعمل عملاً إلا بمشورة مروان ، ولم يلتفت الى
************************************************** ****************
(1) اعلام النساء عمر رضا كحالة ـ ص ـ 224 .
(2) سورة النساء ـ آية ـ 31 .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 170 ـ
نصائح المسلمين عندما طلبوا منه الحد من سيطرة مروان ـ وأمثاله من بني أمية ـ واستئثارهم بمقدرات المسلمين ، واللعب بشؤون الخلافة ، الى غير ذلك مما لسنا بصدده .
ولما اجتاحت الثورة العارمة صبر المسلمين ، نرى السيدة ام سلمة تتوجه الى الخليفة عثمان بنصيحتها التي تفيض عطفاً ، وحرصاً على المصلحة العامة ، وعدم تضعضع الصف ، وحفاظاً على الإسلام .
قالت له : يا بني ما لي ارى رعيتك عنك نافرين وعن جناحك ناقرين ، لا تعف طريقاً كان رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحبها ، ولا تقتدح بزند كان عليه الصلاة والسلام اكباه ـ وتوخ حيث توخي صاحباك فانهما ثكما الامر ثكماً ... ولم يظلما ....
هذا حق أمومتي قضيته اليك ، وإن عليك حق الطاعة (1) .
حديث أم سلمة مع عائشة :
تتجلى لنا شخصية أم سلمة وتعلقها وبعد نظرها في عواقب الامور ، وذلك عندما ارادت عائشة أم المؤمنين الخروج للمطالبة بدم عثمان .
جاءت عائشة الى ام سلمة ، لاستشارتها من جهة ولاقناعها ، لعلّها تخرج معها من جهة ثانية .
وقد قامت عائشة بهذه المحاولة وهي تعرف حق المعرفة ما تتحلى به رفيقتها من قوة الشخصية ، وبعد النظر والاعتقاد بحق علي ، ومنزلته عند ربه ، وهو الإمام الحق .
*********************************************
(1) اعلام النساء ـ عمر رضا كحالة .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 171 ـ
قالت عائشة ( عليها السلام ) : يا بنت أبي أمية ، انت اول مهاجرة من أزواج رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنت كبيرة امهات المؤمنين ، وكان رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقسم لنا من بيتك ، وكان جبرائيل أكثر ما يكون في منزلك ، فقالت أم سلمة : لأمر ما قلت هذه المقالة !؟ فقالت عائشة : ( ان عبد اللّه ابن اختي اخبرني أن القوم استتابوا عثمان ، فلما تاب قتلوه صائماً في شهر حرام ، وقد عزمت الخروج الى البصرة ، ومعي الزبير وطلحة ، فاخرجي معنا ، لعل اللّه ان يصلح هذا الأمر على ايدينا ، وبنا (1) .
وكانت الذكريات ، تسرع بام سلمة وتعود بها الى عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حيث كانتا معاً هي وعائشة ، تريان بأم عينهما منزلة علي بن ابي طالب عليه السلام عند رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخلو به دون غيره من الصحابة ويناجيه ويسايره ويؤثره بعظيم حبه ، وينشر بين المؤمنين ما لعلي عليه السلام من درجات الفضل الرفيعة والمنزلة العالية .
ثم تمثلت علي بن ابي طالب وبطولته وتفانيه في الجهاد في سبيل اللّه وهو يضرب بسيفه يدافع عن
الرسول
الكريم ، ويلقي بنفسه في لهوات الحروب ، فيخوض المعارك ويغوص في دماء المشركين ويحصد الكفار حتى يفرق جمعهم فلا يبالي في سبيل نصرة الدين أوقع على الموت او الموت وقع عليه .
تمثلت ام سلمة العلم الجم الذي عند علي المقتبس من
الرسول
الأعظم المحيط الزاخر يملأ الآفاق والأكوان وذكرت قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنا مدينة العلم وعلي بابها .
وتمثلت في علي بن ابي طالب روح العدل التي تجري في عروقه .
وتمثلت عليه السلام في تقواه وورعه وزهده .
******************************************
(1) تاريخ اليعقوبي ـ ص . 169 .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 172 ـ
وتمثلته عليه السلام في توجيه الناس الى سنن الخير ، وصرفهم عن الاندفاع في شهوات الدنيا وحثهم على طريق الخير وسلوك سبل الهدى والإيمان وعبادة الرحمان .
وتمثلته عليه السلام في إرساء قواعد العدل ، وتثبيت دعائم الحق ، وإزهاق الباطل .
وتمثلت
الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث قال في حق علي : ( علي مع الحق والحق مع علي ـ يدور معه حيثما دار ) .
وتمثلت أم سلمة أيضاً علياً وهو في كنف النبي عليه الصلاة والسلام وتحت رعايته .
وتمثلت خلق عليّ الكامل في روحه الإنسانية الشاملة .
وما أن وصلت السيدة أم سلمة الى هذا الحد من التصورات ، واستعادة الذكريات حتى التفتت الى رفيقتها السيدة عائشة ، وأجابتها بكل هدوء :
يقول الاستاذ عمر رضا كحالة : (1) قالت أم سلمة : إنك كنت بالامس تحرضين على عثمان ، وتقولين فيه أخبث القول .. وانك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
أفأذكرك ؟ قالت : نعم ، قالت : أتذكرين يوم اقبل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعلي يناجيه فأطال ... فأردت أن تهجمي عليهما ، فنهيتك ، فعصيتني ، ... فهجمت عليهما ...
فما لبثت أن رجعت باكية ، فقلت : ما شأنك ؟، فقلتِ : إني هجمت عليهما
**********************************************
(1) اعلام النساء : عمر رضا كحالة .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 173 ـ
وهما يتناجيان ، فقلت لعلي : ليس لي من رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا يوم من تسعة أيام ....( أفما تدعني يا بن أبي طالب ويومي ؟! ) فأقبل رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو غضبان محمر الوجه فقال : ارجعي وراءك ... واللّه لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من الإيمان ... فرجعت نادمة ساقطة ...
قالت عائشة : نعم اذكر ذلك .
قالت أم سلمة : وأذكرك ايضاً ـ كنت أنا وأنت مع رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنت تغسلين رأسه ، وأنا أحيس له حيسا ، وكان الحيس يعجبه ، فرفع رأسه وقال : يا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الاذنب ، تنبحها كلاب الحوأب ، فتكون ناكبة عن الصراط ؟
فرفعت يدي من الحيس فقلت : أعوذ باللّه وبرسوله من ذلك ! ... ثم ضرب على ظهرك وقال إياكِ أن تكونيها ثم قال : يا بنت أبي أمية إياك ان تكونيها ، أما أنا فقد انذرتك ...
قالت عائشة : نعم أذكر هذا ...
قالت وأذكرك ايضاً : كنت أنا وأنتِ مع رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفر له ، وكان علي يتعاهد نعلي رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيخصفها ـ ويتعاهد اثوابه فيغسلها ، فنقبت له نعل ، فأخذها يومئذٍ يخصفها ، وقعد في ظل شجرة ، وجاء ابوك ومعه عمر فاستأذنا عليه ، فقمنا الى الحجاب ، ودخلا عليه يحادثانه فيما ارادا ، ثم قالا له : يا رسول اللّه انا لا ندري قدر ما تصحبنا ، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعاً .
فقال لهما : اما اني قد ارى مكانه ، ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 174 ـ
إسرائيل عن هارون بن عمران ، فسكتا ... ثم خرجا .
فلما خرجا خرجن نحن الى رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقلتِ له : ( وكنت أجرأ عليه منا ) من كنت يا رسول اللّه مستخلفاً عليهم ؟ فقال : خاصف النعل ...
فنزلنا فلم نر احداً إلا علياً فقلت يا رسول اللّه : ما أري إلا علياً ... فقال : هو ذاك ... يا عائشة ....
فقالت عائشة : نعم اذكر ذلك ...
عندما قالت السيدة ام سلمة : فأي خروج تخرجين بعد هذا ؟! فقالت : إنما اخرج للإصلاح بين الناس (1) .
ولما رأت السيدة ام سلمة ان موقف رفيقتها السيدة عائشة موقف عناد ... وإصرار ـ وقد أزمعت الخروج الى البصرة ، التي كانت فيها وقعة ( الجمل ) الشهيرة ـ ولم يثنها عن عزمها شيء كتبت اليها رسالة طويلة تعبر فيها عن مدى اسفها ... وعدم الأخذ بالروية والتعقل والحكمة (2) .
والسيدة ام سلمة راوية جليلة من راويات الحديث وقد روت عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعن فاطمة الزهراء عليها السلام وروى عنها جل مشايخ المسلمين وكثير من الصحابة المعروفين .
وقد توفيت بالمدينة المنورة ( يثرب ) عن عمر يناهز الأربع وثمانين سنة ، ودفنت بالبقيع رضوان اللّه عليها .
************************************************** ************************************************** ************************************
(1) اعلام النساء ـ عمر رضا كحالة .
(2) ان رسالة السيدة ام سلمة الى رفيقتها السيدة عائشة قد ذكرها بالتفصيل اكثر المؤرخين ، وأصحاب السير .
المرأة في ظلّ الإسلام ـ 175 ـ
فاطمة بنت
الرسول
( صلى الله عليه وآله وسلم )
في مناخ الايمان والعقيدة يسمو الانسان ، وتتهاوى سدود انانيته ، وتتحطم حدود فرديته وحواجز المادة الطاغية .
فاذا تجرد الانسان من الادران والشوائب ، يشف اهاية ، وتشع نورايته ، ويتجاوز الزمان والمكان الى الديمومة والخلود .
وبالعقيدة الراسخة ، والايمان القوي ، والاخلاق الفاضلة ، ترتفع اعمدة الحضارة والتمدن والرقي ، وتبنى قصور القيم ، وتتألق الحقيقة ويعم الوجود فيض من النور .
أجل في مناخ الإيمان والعقيدة ، نشأت فاطمة الزهراء عليها السلام ، وترعرعت في كنف ابيها
الرسول
الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ورعاية أمها خديجة أم المؤمنين ( عليها السلام ) ، وقد اغدقا عليها العطف والحنان مما يفوق الوصف .
رضعت عليها السلام من ثدي الإيمان ، وربيت في حجر الاسلام ونهلت من المعين الصافي ، فكان
الرسول
الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الوالد العطوف ، والمربي الشفوق ، والمعلم الكريم ، والمؤدب الحليم .
كانت حياة فاطمة ( عليه السلام ) مليئة بالاحداث ، حافلة بالمصاعب والمتاعب ، مشحونة بالمحن والآلام .
منذ طفولتها ذهبت مع ابويها العظيمين إلى شعب ابي طالب ، ولاقت هناك على طفولتها من شظف العيش ، وشدة الحصار ، واذية قريش ، ما لا يتحمله
Admin
Admin
Admin

MMS :
زواج الرسول من ام سلمه 19606_11187891920

أوسمتى :
زواج الرسول من ام سلمه 66

ذكر
عدد المساهمات : 25
نقاط : 57
التقييم : 3
تاريخ التسجيل : 18/07/2014
الموقع : أمراء الحرف
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : عادي

https://omara-al-harf.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى